منير دوناس المغراوي
من البديهي أن نقول أن أبو القاسم الشابي أعطى لتونس الخصراء الكثير ليس شعريا فقط ، بل أيضا أدبيا ، فنيا ، اجتماعيا ، ثقافيا ، تراثيا ، تربويا … ودبلوماسيا أيضا. اذ أن الكثيرمن الدول حول العالم عرفت تونس عن طريق ابداعاته وانجازاته المأثورة والخالدة الذكر وخصوصا قصيدته الشهيرة ” ارادة الحياة ” المليئة بالحكم والقيم والمبادئ والتشجيع على مسايرة العصر ومواكبة الجديد والحث على التحلي بالمثل العليا والانطلاق لصنع المستقبل بالكفاح الدائم دون توقف أو كلل أو ملل. كما يحث فيها على مكارم الأخلاق ويشدد على التسلح بالعزيمة والارادة باستمرار عبر الزمن ويؤكد في اخر أبيات قصيدته البديعة على أحد أبرز القيم الانسانية والصفات التي تعطي نكهة وطعما خاصا للحياة وهو الطموح:
ورن نشيد الحياة المقدس في الكون وأعلن أن الطموح لهيب الحياة وروح الظفر
ما معناه أن الطموح بمثابة الشعلة الملتهبة التي تعطي للبشر ذلك الحماس الدائم والرغبة المتواصلة والارادة المنقطعة النظير لتحقيق أحلامه وأهدافه في الحياة … وقد حقق ذلك الشاعر الفذ النابغة شهرة واسعة وانتشارا كبيرا حول العالم اذ أنه اشتهر خارج الوطن العربي وامتدت شعبيته الساطعة اللامعة الى أقطار أوروبا ، اسيا ، افريقيا والقارة الأمريكية كما ترجمت قصيدته السالفة الذكر للعديد من اللغات المختلفة كما تدرس قصائده في شتى أرجاء العالم العربي وأوروبا في هولندا على سبيل المثال لا الحصر ….
كما أن أبو القاسم الشابي أعطى قيمة دبلوماسية جلية لبلده وسط الدول والأمم الأخرى من خلال نشر فكره المستنير الممثل لتونس الخصراء خصوصا وللعرب عموما … وتجسدت فيه صفات الدبلوماسي المحنك العبقري : كالفصاحة ، الابداع ، الموسوعية الدهاء، الألمعية ، المرونة ، التجدد ، الطموح الفريد ، التميز …
كما تمثلت فيه صفات أخرى قل نظيرها بعده : الابتكار ، المواكبة ، سابق لعصره الفرادة كما جسد القدوة للعديد من الناشئة والشباب في عصره وبعده وفي عصرنا هذا هناك العديد من الناس يتغنون به ويعتبرونه قدوة ونموذج لهم حسن الاقتداء.
لم يكن أبو القاسم الشابي شاعرا فحسب ، بل هو المثقف الموسوعي ، والمربي الجليل والفنان العبقري ، والأديب النابغة ، والدبلوماسي المحنك والنموذج المؤمثل. ما أحوجنا في عصرنا هذا الى مبدعين من طينته ، في ظل طغيان التكنولوجيا على مختلف المجالات والأمور ، وفي المقابل ترك ذلك فراغا على المستوى الثقافي الابداعي بمختلف فروعه
وتكريما له نختم بهذا البيت :
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر